أوطان صغيرة! لا تحتمل الأحلام الكبيرة..
أوطان صغيرة! لا تحتمل الأحلام الكبيرة..
رقصات على إيقاع التعرّي السياسي29
لكم أكتب.. في رقصة الترنّح الأخيرة..
إلى من يهمه الأمر...
الثقافة.. المعرفة.. في بلادي أقرب للفكرة القائلة: "إنتاج غزير.. وسوء توزيع – بلا فائدة وجدوى"..
وانقطاعات متتالية..
كتاباتنا.. إنتاجنا؛ ومقاربتنا للعناوين؛ وسوداويتها؛ تتلاقى
أحياناً ومزيج الغضب "والقرف" الذي يتبدّى في الكلام.. وكأن كل ذلك يشي
بفترة الغياب والانقطاع الذي سيليه..
أليس سِمة الحياة - الطبيعة التقلب بين ذاك الصخب والسكون!.. الازدحام والهدوء!.. الاجتهاد والراحة / السكينة.. الفرح والحزن معاً..
والحياة قلبها نابض!
وما النبضات إلا سكون خافت؛ بين خفقات متتالية.. يعقبه هدوء نسبي..
والكتابة أيضاً سكونْ يفصل بين جمل ومعانٍ وكلمات.. لتصنع النبض؛ وتخلق التماوج؛ وتلّون الحياة.. وتحقق الفائدة..
وهكذا إنتاجنا كالسيل الجارف؛ تُسيّره انقطاعات..
نحاول أن نكتب لنقول شيء ما؛ للتعبير عن فكرة! عن حَدَث.. لنحكي؛ لنسّرد؛.. وأحياناً نشعر أنه لا يتسع الكلام لما نريد قوله أو إيصاله.. من أجل الحقيقة وزيادة الوعي الحقيقي..
وعلى لسان العبقري 'الأخوت' زياد يقول: "الموسيقى تُسمع؛ ولا يُحكى عنها"..
ولأن الموسيقى الأكثر
تجرّداً.. فهي عرضاً لا إرادياً للفلسفة.. لفلسفة ما.. لأم العلوم..
كونها تتكلم اللغة
العالمية.. وبنفس الوقت لا تمتلك أحرف - حروف.. ومع ذلك قوتها تكمن هنا..
بدليل الطفل يتفاعل معها قبل أن يتكلم.. والحيوانات أيضاً وليس مقرر أن يتكلموا!
على الرغم من أننا نفترض بأنها أفكار وصور فكرية؛ تجسّدت على
شكل كلمات برموز النوتة الموسيقية؛ وتُرجمت لكلام أثيري عبر الموسيقى..
وإن كان الكلام في الموسيقى غير مُحبذ! فذلك لا يعني غياب الوضوح في الصورة لديها عن موضع الإشكالية الموسيقية.. وربما مقاربتها..
وأيضاً الكتابة
والكلمات هي ربما كذلك! ولكنّها عكس ذلك تماماً!! مع التأكيد بأنها تتشابه في
التصدّي للإشكاليات؛ ومعالجة المٌشكلات..
فهي فعل خلق؛ قوتها الكلام والكلم والكلمة.. فعل لا يبحث
عن تصنيفات جديدة وغريبة.. ونحن بطبيعة الحال نرفض إعادة تصدير الثقافة كما يصفها الرائد
"إدوارد سعيد" في الاستشراق؛ والثقافة والإمبريالية...
ولا نريد لها أن تكون
فعل "لفشة خلق".. كبديل عن فعل خلق.. خلوق وخلاّق..
نحن نريدها كتلاقح
وتلاقي وحوار وتواصل ثقافي وحضاري.. كضرورة حياة ووجود.. وكاستفادة من تجارب غنية
نُخضعها كخبرة إلى قوالب مُصممة تشبه واقعنا وظروفنا وطبيعتها.. ولا تُقلّدها
بعماء.. فالتقليد وكيل.. والأصيل يُبطل الوكيل.. "أما
إن كان الله وكيلك" فهذا شأن آخر...
ولكن! إنَّ ما يؤخرنا كما يُقال؛ وكما نقول ونصف دائماً لمن يعرفنا:
هو: الطبلة والزميرة
والدبكة الشعبية.. كترميز عن إيقاع حياتنا! وطبيعة عملنا! وأداؤنا! وإنتاجنا! وسلوكياتنا! وشخصياتنا.. وقد أضافت الأركيلة.. والهز! والرقص الشرقي.. وصرعة تغيير أدوات
التكنولوجيا كاستهلاك - اجترار.. والتواصل الاجتماعي الافتراضي 'الفيس
بوك؛ وغيره' والذي أنكر الواقع الحقيقي ليعيش بافتراض وجود بديله كحالة مُعاشة بشكله المَرَضي.. إضافات إنتاجية زائدة.. ليصبح لدى شعوبنا كل أدوات الإنتاج
ومستلزماتها الضرورية!! إنتاج بإنتاج!! ولهذا نحن شعب مُنتج كل الوقت!!.. ألا ترون
هذا!
لقد توصّلنا إلى نتيجة
نؤمن بها اليوم؛ بأن سلاح الكلمة في الحروب –
حيث أننا نعيش الحروب وكأنها حياتنا ككل-
يصبح تعبيراً مجازياً غير كافٍ.. على
الرغم من أننا لم نكن! ولن نكون! يوماً ما مجازيين في مراحل النضال المجتمعي
المختلفة..
طبعاً الكلمات في
الحروب أشد أنباءً من القتل والاقتتال والرصاص والبراميل والصواريخ والراجمات..
"لأن في حدها الحدُ بين الجدِ واللعبِ"..
وإذا كانت الكتابة
حرّة من العقلانية بعض الشيء..
فما نكتبه من كلام
وكلمات؛ ليس كتابة بالكتابة.. وليست مجرد تعابير للاستهلاك السريع..
بل تعكس في شكلها؛
التعبير اليومي عن واقع صريح.. وفي مضمونها تحمل قضايا واضحة محورها الأساس رفض كل
أشكال الاستغلال الإنساني.. وصور وأفعال الديكتاتوريات.. وأنواع الراديكاليات.. وأقنعة
التعصّب والعنف..
وفي بنائها تجسّيد لواقع
فجّ نحاول رسمه بصورة أفضل! وإضافة بعض الألوان عليه؛ عله يبدد قتامة المشهد..
كحلم ربما يتحقق يوماً ما.. نعم يوماً ما..
لأجل الحقيقة..
ولزيادة الوعي.. وبهدف التغيير.. على أن التغيير يبدأ دائماً من داخلنا وأنفسنا
أولاً..
لم نكتب يوماً على
مقاعدنا - طاولتنا.. فدائماً ما نستلهم من الواقع والميدان والحياة..
إنها الفكرة التي
تنبثق كالوميض المفاجئ في رأسك.. لأنها مزيج من النقيض الغريب! فهي تفاعل مركب من نقيض
بين حالة عقلية – فكرية واعية وناضجة.. وما بين الحالة العاطفية والوجدانية
والمشاعر والأحاسيس الإنسانية.. الخام..
على طاولتنا يمكن أن
نُنضدها.. أن ننسقها.. ولكن لا نكتبها كأفكار.. فهي الواقع.. على فجاجته..
وفي الكلام نترك حيّز
- مساحة حرّة من السخرية واللهو والمُزاح بلونه الأسود.. كـَ الكوميديا السوداء 'المُضحك
المُبكي'.. لأنه حالنا وواقعنا.. وتعبير عن الـ "نحن"..
فالأسئلة البسيطة؛ تكون أجوبتها أكثر علمية وواقعية؛ وتعبّر عن الحقيقة أكثر!..
أما اليوم فقرارنا هو عدم الفعل من أجل تغيير أي شيء! حيث أن كل ما نسعى إليه الآن هو أن لا نتغير فقط!!.. بمعنى أن لا ننجرف باتجاه القاع الذي
حاولنا طويلاً الارتقاء منه.. وليس الانحدار إليه.. فالقاع مُزدحم.. ولا نريد أن نُزحمه
أكثر..
إنه بمثابة إعلان
ختام أحلامنا بالشمع الأحمر الطارئ.. وحياتنا الممتلئة والمُتخمة بقوانين الطوارئ!..
وعزوفنا اليوم وعبر
هذا.. سيكون للتعبير عن عدم قدرتنا على التغيير.. وطموحنا الصغير أن لا يجرفنا "الستاتيك- بمعنى السلبية أو الجمود"؛ والفوضى.. فيغيّرنا نحن.. ويغيّر قناعاتنا.. ومبادئنا.. وأخلاقنا.. وأحلامنا..
على أنه ليس فعل
استسلام.. لكنه فعل مُقاوم بالمعنى المجتمعي؛ كما كنّا ولا نزال.. يحتاج ربما إلى استراحة روح المحارب..
وأن نتحاشى إصابتنا
بذلك المرض الذي يبدأ بـِ "shock" أي الصدمة السلبية! وليس الإيجابية التي كنا دائماً نحاول
أن نشحن أنفسنا بها... فتلهمنا وتلهبنا بحماس ودافع وثير - دافئ يُظللنا؛ ويكلّلنا؛
ويشعّ بداخلنا باتجاه الإنتاج دائماً... فيتوهّج .. لنشعّ على الآخرين ما استطعنا
إليه سبيلا..
منذ عهود طويلة.. ومع
كل عهد سياسي قديم - مُستجد.. ما يزال الإشكال والمشكلة هو أن الأعم والغالب من
الناس مازال يتمسك بأمله المُلوث.. بشكل لاهث! ويصب غضبه على من يحاول إظهار هذا
الوهم! وهذه الهشاشة! ويتجرأ على ثقب تلك الفقاعات المزيفة التي نعيش فيها..
ومع صعوبة أوضاع
وظروف الناس والحياة.. ومجتمعاتنا.. وبلادنا.. يطول الكلام في الأنظمة والسياسة وسياسات
اليوم.. فكثرة الكلام على نقيض قلة الأمل من أي تغيير فعلي في ظروف واقعنا
الحالي.. ليصبح السكوت أبلغ أحياناً..
ففي النضال المجتمعي
الحالة الفردية لا تستطيع تحقيق شيء.. هي تصبح أقرب لفكرة "فشة خلق - التنفيس" لا
أكثر!!
ربما يقول كثيرون في
توصيف حالتنا.. ثروة تمشي.. ولا تمتلك شيئاً.. فهو غباء حياة.. وتضييع جني
الثروات الطائلة.. وما جرى وكان!!..
ولكنه كان بالنسبة
إلينا بكل إرادة وتصميم وكامل الوعي والقوى العقلية.. بمثابة التزام أخلاقي..
والتزام فكري.. وعلمي.. ونضالي وإنساني...
وإن كان المال
حاجة مهمة وضرورية بطبيعة الحال.. فلم يكن بالنسبة إلينا المحرك للعمل.. ولا للإنتاج.. ولا
للمبادرة وللتطوع والمساهمة والمشاركة.. والاندفاع... ولا يُمثل مقياس النجاح
بالنسبة لنا أبداً..
دائماً ما كنا ننظر بأمل! إلى أن 'الحياة الحقيقية' على وشك أن تبدأ.. في يوما ما.. نعم ربما يوماً ما..
ولكن دائماً ما كانت
تلازمنا ما يُقال عنه: "ما يحول دون تحقيقها" من عوائق وتحدّيات وصعوبات..
ربما بالنسبة لنا هو
قرار.. وربما ضمير.. وربما التزام.. وواجب.. وإنسانية مُفرطة ومبالغ فيها.. وربما
قضية دائمة نتبنّاها في معاركنا النضالية المجتمعية المستمرة.. من أبسط حالة
فردية.. إلى القضايا الجماعية.. إلى المجتمعية والأكثر تعقيداً..
وحينها استدركنا أن
حياتنا الحقيقية هي هذه الحالة نفسها.. بطبيعة الحال..
لأننا نحن... ولن
نتغير وننسلخ عن أننا نحن هكذا!
نعم؛ لن نطمح بعد اليوم
لتغيير شيء! أي شيء! مهما بدا صغيراً أو ممكناً..
لن نطمح لتغيير ما هو
موجود ومكرّس ومتجذّر في نفوسنا نحن..
لأن الثورة تقوم ضد
نظام أو أنظمة.. وليس ضد فوضى نصنعها ونكرّسها ونعمّقها.. نحن.. وبأنفسنا
وأيدينا..
ولأن النضال يكون ضد
الفساد واللامساواة واللاإنسانية واللاأخلاقية .. وليس ضد أنفسنا.. "فكل واحد
منا يحمل بالداخل ضدّه" كما يقول مظفر الجميل..
لأننا نزوّر الحقائق..
ونزوّر الكلام عنها.. ونزوّر قراءتها.. وسنزوّر تفسيرها وتحليلها بناءً عليه.. وما سيتشكّل هو الوعي المقلوب؛ والمظاهر السلوكية والممارسات المتأتية منه وعنه..
ولأن رسالة الحُب
والسلام التي نحملها ونرسلها ونتواصل من خلالها بكل صدق ومصداقية ستُفسر بطرق
شتى.. ليس لأنها مزورة أو غير حقيقية.. بل لأن كل شخص سيُفسرها على شاكلته وأخلاقه
وطبيعته وحقيقته.. فستكون مزورة وقبيحة.. ومن أدرى منّا بأنفسنا.. أليس كذلك!
ولأننا نحن المسؤولين
عن كل شيء يحدث لنا! وسيحدث لنا.. فلنتحمّل ذلك.. وليكن بشجاعة..
لقد دفعنا أثمان
كثيرة.. وما زلنا.. وسنبقى.. نتيجة كل قناعاتنا وأفعالنا وممارساتنا ونضالاتنا..
على أنه لا ندم! ولا ندامة..
ولكن أيضاً ليس لأن
أحد لا يُقدّر هذا أو ذلك! وليس لأن الأغلبية لا يقدمون ولم ولن يقدموا شيئاً
كأثمان..
وليس لأننا مخذولون
ونادمون.. فلو يعود بنا التاريخ والزمان.. سنكرر ما نؤمن بهِ من قناعات وسلوكيات
وممارسات.. بل وسنزيد عليها خبرات وإرادات وعزيمة متراكمة..
ولكن ربما لأن كل ما
فعلناه.. وضحيّنا بهِ.. وناضلنا لأجله.. كان كالعبثّ والعبثية؛ والملهاة الحمقاء..
كالسّراب في صحراءنا الداخلية الشاسعة.. بأصغريه وأكبريه "في القلب؛
والعقل" معاً..
إن أكثر من يوصمنا..
ويهددنا.. وربما يحاول إيذائنا وقتلنا أكثر من كل تلك الجهات التي تلاحقنا اليوم.. ويمارس
كل السفاهات والعنصرية والكراهية... بحقنا.. هو هؤلاء أنفسهم الذين خسرنا كل شيء
لأجلهم.. وكرّسنا حياتنا لهم..
وكما يقول مظفر الجميل: "فأنا يقتلني نصف الدفء! ونصف الموقف أكثر!!"..
وربما لأننا كمجتمع وما
يُسمى "دولة - وطن".. خذلنا أنفسنا! ونستحّق ما نحن عليه الآن من حضيض! وواقع مزري وبائس!
وبلا نهاية نفق.. وبصيص أمل.. وبصّة نور..
وأيضاً ربما نستحّق كل
هؤلاء السفلة "ممن يولّى علينا"..
أما بالنسبة لنا فكل اجتهادنا من اليوم وصاعداً
سيكون محاولتنا فقط في أن لا نتغير نحن بكل هذا المُلوث.. وذاك اللاحقيقي.. فننحدر
إلى القاع.. ونزدحم..
هذه هي الحقيقة.. والحقيقة دائماً ما ستبدو بشعة –
قبيحة.. ولكنّها تبقى حقيقة...
محبتي
لكم كل الحُبّْ.. ولكم السلام.. دائماً وأبداً..
Professor
روابط مقالات أُخرى👇
نرسيس سوريا؛ أسد التهريج اللاحم 45
رقصات على إيقاع التعرّي السياسي1
في رحلة الحياة والوجود! نحن اللامنتمين2
نعم؛ سأخون وطني! سأخونه وأتجلّى4
لهذا السبب خسّرنا! وأفرغنا قضايانا5
عارٌ علينا! شيم أون وي ونكّابر6
أطياف! الطائف والطائفية البغيضة10
إلى الثوار الأحرار؛ الشعب العنيد؛ وبعد11
الفن والشهقة الأولى؛ الكلمة والصورة13
جنرال وأزلام؛ قتل الطفولة والأحلام14
كلام متمدّن مع الله؛ أرني أراك16
الانتظاااااار! بصبرٍ متأنّقٍ جميل17
لا يُغيّبهم إلا الموت! لا تُغيّبهم الأقدار18
الإجهاد المُضني؛ والتوتر المُزمن19
'المقاومة'؛ والله؛ والضرع المحلوب20
الشعب العبيد السعيد؛ لأصارحكم بحقيقتكم21
الطبقة الوسطى؛ وفخّ اللعبة والأوهام22
النساء؛ قوة ناعمة وفحولية شرسّة23
لمن تصفقوا؛ جمهورية المزرعة والقوّاد24
الحزن ينعي الفرح؛ مرثية الآلام25
المرأة والحقيقة؛ فراشة بأفعال صقر26
الخيار الاختيار؛ فعل للمقاومة والتغيير27
ضهّرناهم من الباب! زمطوا من الشبّاك!28
عزيزي القدر؛ العزيز القدير؛ أعزائي 37
هتلر الألفية الجديدة؛ ومنظّروا الدول الفاعلة!40
تبّاً للعالم الحرّ! تبّاً للضعفاء؛42
الحرب العائلية الثالثة؛ هتلروف روسيا43
سوريا وأوكرانيا؛ وجه! لا وجهين للمقارنة 44
أُنظر: أرشيف المقالات الكامل


