الانتظار! بصبرٍ متأنّقٍ جميل..
الانتظار! بصبرٍ متأنّقٍ جميل..
رقصات على إيقاع التعرّي السياسي17
لكم أكتب.. في الرقص على تقاسيم الزمان!
إلى من يهمه الأمر...
تجسّدت
فكرة الانتظار الطويل عند الإنسان؛ بقصة سيزيف الأسطوري عندما تحدّى- فأغضب 'زيوس' كبير الآلهة.. فعاقبه بحمل صخرة كبيرة ليضعها أعلى الجبل؛ وكلما شارف
على الوصول "وصلت اللقمة للفم"
؛ عادت وتدحرجت إلى أسفل الوادي.. فيعود للبدء من جديد.. ليظل هكذا إلى الأبد.. كعبء
وحمل دائم؛ في الانتظار الطويل؛ والعذاب الأبدي..
وسيزيف
يُجسّد في أسطورة أُخرى؛ الشمس أيضاً؛ وحالة شروقها/ صعودها.. وغروبها- تدحرجها..
وهكذا كل يوم..
كتب 'محمود درويش' الجميل: "آآآه؛ والوقت يا سيزيف ما أثقله.."...
وأيضاً
عن الانتظار: " بكأسِ الشراب المُرصَّع باللازوردِ انتظرها.. على بركة الماء حول
المساء وزَهر الكُولونيا انتظرها.. بصبر الحصان المُعدِّ لمُنحَدرات الجبال انتظرها..
بذَوق الأمير الرفيع البديع انتظرها.. ولا تتعجَّل.. فإن أقبلَتْ بعد موعدها فانتظرها..
وإن أقبلتْ قبل موعدها فانتظرها..."...
ويقول 'ألبير كامو' العظيم: "ليس هناك عقاب أفظع من مهمة مُتعبة لا أمل فيها! ولا طائل
منها!"؛ وانتظار دائم وطويل...
أما
الصبر المرتبط عضوياً بالانتظار كسلوك وتصرف.. فقد تجسّد واضحاً في الأسطورة الدينية
"النبي أيوب"؛ وانتظاره بصبرٍ مُتقطّع طويل لمئات السنين من أجل الشفاء-
البَراء من الأمراض والعِلل الأسقام..؛ وعودة الأُلفة لحياته؛ بعد تخلّي كل الناس
عنه؛ حتى زوجته..
في
الواقع والحياة.. أغلبنا في موقع الانتظاااااار..
جميعنا
منتظرين... مع تواجدنا في كثير من المحطات الحياتية المتقطّعة ...
كأننا ننتظر في كل محطة منها؛ ذلك القطار دون وجهة.. ودون عنوان معروف.. وغربة وجوه الركاب ومقاصدهم.. واختلاف عناوينهم.. قصصهم وحكاياتهم المتنوعة.. وما تحتويه حقائب سفرهم.. وربما نختلط مؤقتاً ببعضهم... في رحلتنا..
لننزل في المحطة التالية؛ فننتظر القطار التالي.. وهكذا دون مقصد على وجه التحديد..
جميعنا
في الحياة في حالة من الانتظاااااار المٌتقطّع الطويل.. كحالة
اغتراب دائم.. مُغتَرِب عن ذاته.. ومُغتَرَب عن الآخر والمجتمع والواقع..
ولكن
ماذا ننتظر بالتحديد؟!.. لا أحد يدري!..
لأن
حياتنا بمجمل تفاصيلها؛ كالمحطات التائهة - الضائعة.. بلا
جهة - وجهة مُحددة.. بلا هدف واضح المعالم أو مُقنع حتى... ننتقل فيها من واحدة
إلى أُخرى.. وكلما وصلنا لإحداها! انتظرنا الوصول إلى التالية... وهكذا..
ربما
البعض ينتظر الانتقال إلى وضع- وضعية أفضل.. خطوة بحياته للأمام.. ترقية عمل.. فرصة
جديدة.. نجاح مُغاير.. إنجاز معين.. شخص مناسب؛ آخر؛ ما.. حياة أجمل.. مكان مُختلف.. طوق نجاة.. أمل يتعلّق بهِ... حلم
يسافر من خلاله.. الهروب إلى الأمام.. التغيير والخوف منه.. الانتظار في طوابير
الذُّل والعار الدائمة والمستمرة...
كتعبير استدلالي على الأزمات الخاصة والعامة؛ والأزمات الشخصية- النفسية والاجتماعية.. التي يعيشها كمأزق وجودي وحياتي ومعيشي...
فمن
ناحية التحليل السوسيوسيكولوجي- النفسي الاجتماعي؛ ربما اختصت هذه الوضعية بالحالة وبالثقافة
الشرقية عموماً؛ والعربية؛ والإسلامية خصوصاً.. أي في المجتمعات المقهورة-
بسبب هيمنة وتسلّط أبشع الأنظمة الدينية والسياسية وتحكمها في كل مفاصل الحياة
والمجتمع والإنسان...
وأيضاً بالإنسان المقهور - المأزوم من جرّائها.. دون حتى أن يعلم بوضعيته هذه.. كحالة الانفصام التام عن ذاته والواقع والحياة..
وهذه الوضعية تشمل أيضاً كل إنسان ينحدر جينياً من تلك المجتمعات والبيئات وثقافتها... حتى لو عاش في دول العالم المتحضّر لزمن طويل..
ذكرنا
حول ذلك في مقال: نعم؛ سأخون وطني!سأخونه وأتجلّى!؛ ومنه:
أينما
رحلت وارتحلت! أينما هاجرت وتهجّرت! أينما سافرت أو سُفّرت... في كل مرة ستأخذ بقجتك!
وفيها:
لباسك
ولبوسك! طائفتك وعشيرتك! عقليّتك وثقافتك! وبرمجتك! طبيعتك المجبولة على منظومة وطنك
الأساسي؛ وحزبك! وحزنك! عاداتك وتقاليدك! أصنامك وهواجسك! مخاوفك؛ وأشباحك!.....
ولن
تنسى أغطيتك وأكفانك! قيودك وأصفادك... لأنك في كل مرة وكأنك بالفعل تنتقل من زنزانة
إلى أُخرى في سجنك الكبير.. أو إلى قبر من قبورك الدائمة... ودائماً بِلا وطن!...
ننتظر..
وننتظر.. لدرجة انتظار الانتظار التالي بحد ذاته! في كثير من الأحيان...
وما
يسببه من آلام وثقوب متعددة "كالناي" في أرواحنا وأنفسنا... دون أن ندري.. ولكن يبوح بنغماتِ وغصةٍ حزينةً إلى الأبد.. تبدو جلّيةً على ملامحنا؛ وفي وجوهنا؛ وما تسرّ بهِ عيوننا..
ذلك
الانتظار المُتعب.. الاستنزافي.. المُضني.. برحلة العذاب الدائمة.. وكأنك تقوم
بابتلاع نفسك! ولفظِها كل يوم..
إنَّ هذه الأيّام تَتطلَّب الكثير من الصّبر؛ والصمتْ...
وشيئان سيجعلان لحياتك معنى: أن تؤمن بقضية ما.. وأن
تُحبّْ شخصاً ما..
فأيها المُساَفر اشتري الورد لعلَك تُقاَبل في الطريق
مَن يَستحقُه..
الحكيم شمس التبريزي
أيها المنتظر على ناصية الحياة.. على ناصية الحلم..
على ناصية الأمل..
تسلّح بالحياة.. بالحلم.. بالأمل..
أيها المُسافر الجوّال دائماً.. وكأنك في رحلة لا
تنتهي.. من العذاب المضني..
لا تراجع.. لا استسلام...
قف على ضفاف كُلّ تلك النواصي.. والتقط أنفاسك..
تريّث قليلاً..
انظر إلى الأمام.. ورأسك شاخصةً للأعلى..
خذ نفساً عميقاً..
وقاتل.. وكأنها معركتك الأخيرة أبداً..
لا تنتظر بعد الآن.. لا تنتظر..
عش تلك اللحظة فقط.. الشهقة التي تحبس الأنفاس بالفرح..
ولا تنتظر شيئاً.. لا تنتظر أحداً..
سر للأمام دائماً.. ولا تنظر لما ستتركه خلفك..
تابعونا في الرقصة التالية..
هذه هي الحقيقة.. والحقيقة دائماً ما ستبدو بشعة –
قبيحة.. ولكنّها تبقى حقيقة...
محبتي
Professor
روابط مقالات أُخرى👇
رقصات على إيقاع التعرّي السياسي1
في رحلة الحياة والوجود! نحن اللامنتمين2
نعم؛ سأخون وطني! سأخونه وأتجلّى4
لهذا السبب خسّرنا! وأفرغنا قضايانا5
عارٌ علينا! شيم أون وي ونكّابر6
أطياف! الطائف والطائفية البغيضة10
إلى الثوار الأحرار؛ الشعب العنيد؛ وبعد11
الفن والشهقة الأولى؛ الكلمة والصورة13
جنرال وأزلام؛ قتل الطفولة والأحلام14
كلام متمدّن مع الله؛ أرني أراك16
لا يُغيّبهم إلا الموت! لا تُغيّبهم الأقدار18
الإجهاد المُضني؛ والتوتر المُزمن19
'المقاومة'؛ والله؛ والضرع المحلوب20
الشعب العبيد السعيد؛ لأصارحكم بحقيقتكم21
الطبقة الوسطى؛ وفخّ اللعبة والأوهام22
النساء؛ قوة ناعمة وفحولية شرسّة23
لمن تصفقوا؛ جمهورية المزرعة والقوّاد24
الحزن ينعي الفرح؛ مرثية الآلام25
المرأة والحقيقة؛ فراشة بأفعال صقر26
الخيار الاختيار؛ فعل للمقاومة والتغيير27
ضهّرناهم من الباب! زمطوا من الشبّاك!28
أوطان صغيرة؛ لا تحتمل الأحلام الكبيرة29
عزيزي القدر؛ العزيز القدير؛ أعزائي 37
هتلر الألفية الجديدة؛ ومنظّروا الدول الفاعلة!40
تبّاً للعالم الحرّ! تبّاً للضعفاء؛42
الحرب العائلية الثالثة؛ هتلروف روسيا43
سوريا وأوكرانيا؛ وجه! لا وجهين للمقارنة 44
أُنظر: أرشيف المقالات الكامل


